يودع المغرب سنة مليئة بالأحداث التي ستظل راسخة في الأذهان وموثقة في سجلات التاريخ، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، لكنها تحمل كلها دروساً وتشكل محطات مهمة في مسار المملكة.
أول حدث بارز شهده المغاربة خلال العام الجاري هو إعلان السلطات الصحية عن تسجيل أول وفاة بسبب متحور أوميكرون لفيروس كورونا المستجد، بعدما كان ينتظر كثيرون قلب صفحة الجائحة والعودة إلى الحياة الطبيعية.
ظهور أوميكرون لحسن الحظ لم يطل ولم يكن بالشدة المتوقعة، فقد كان خفيف الظل واستمر في الانتشار حتى ضعفت قوته ولم ينل من المغاربة كثيراً بعدما تمت تعبئة كل الوسائل لتعميم التلقيح على نطاق واسع.
في الشهر الثاني من السنة الجارية، عاش المغاربة فاجعة وفاة الطفل ريان داخل البئر، وحبس الملايين من المواطنين عبر العالم أنفاسهم أمام عمليات الإنقاذ والحفر التي استمرت لخمسة أيام لكنها انتهت بإخراج الطفل جثة هامدة.
كان ريان، البالغ من العمر خمس سنوات، قد سقط في بئر عمقها 32 مترا نواحي مدينة الشاون، وخلف سقوطه موجة تضامن واسعة عبر المعمور، وقد أصدر آنذاك الديوان الملكي تعزية لوالدي الطفل.
في الشهر نفسه، عادت الحياة إلى الرحلات الجوية عبر المملكة بفتح الأجواء في وجه الطائرات، لتعود وتيرة توافد السياح شيئاً فشيئاً وينتعش قطاع السياحة الذي تضرر كثيراً منذ بداية الجائحة، وهو ما تسبب في فقدان مناصب شغل مهمة.
في 13 مارس، تم تفعيل أهم بنود اتفاق إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل بإقلاع أول رحلة تجارية للخطوط الجوية الملكية تجاه تل أبيب.
لم يكد شهر مارس ينتهي حتى جاء بموقف يدعم ملف الصحراء، هذه المرة من الجارة الشمالية إسبانيا التي أعلنت لأول مرة دعمها لموقف الرباط، وهو الأمر الذي دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها بمدريد.
قبل هذا الحدث، كانت علاقات الرباط ومدريد قد ساءت بشكل غير مسبوق في أعقاب استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو للاستشفاء، وهو ما ردت عليه المملكة باستدعاء سفيرتها في مدريد، إلى أن عادت المياه إلى مجاريها لكن هذه المرة تتدفق وهي زُلال.
شهر مارس كان حافلاً بالأحداث التاريخية، ففي 30 منه تأهل المغرب إلى مونديال قطر، كان هذا إنجازاً تاريخياً أعاد المغاربة إلى حنين الإنجازات الكروية الكبيرة.
في يونيو، تم الإعلان عن تسجيل أول إصابة بجدري القردة لدى مسافر قادم من أوروبا، وإصابة الملك محمد السادس بفيروس كورونا المستجد، لكن لحسن الحظ أن الأخبار المرتبطة بالفيروسات انتهت بعد ذلك ولم يعد لها أثر كبير.
كان شهر يونيو حافلاً بحدث مأساوي كبير تمثل في مقتل 18 مهاجراً أثناء محاولة لتجاوز سياج مدينة مليلية المحتلة، حدث تسبب في صدمة عبر العالم دفعت السلطات المغربية والإسبانية إلى فتح تحقيق.
مع بداية الصيف، واجه المغرب حالة طوارئ من نوع آخر بعدما انخفضت الموارد المائية إلى مستوى غير مسبوق، وزادت الحرائق الضخمة التي اندلعت في غابات شمال البلاد من حدة الوضع.
في يوليوز وغشت، كانت رسائل الملك محمد السادس من جديد إلى الجارة الجزائر بالدعوة إلى إقامة علاقات طبيعية، ووجه أيضاً رسائل إلى المنتظم الدولي تؤكد أن ملف الصحراء هو معيار تقييم صدق العلاقات ونجاعة الشراكات.
في الأيام الأخيرة من غشت، ودع المغرب عبد الحق الخيام، الرئيس السابق للفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمكتب المركزي للأبحاث القضائية، بالدار البيضاء، عن عمر يناهز 64 سنة.
ويعد الراحل عبد الحق خيام واحدا من أبرز رموز مكافحة الإرهاب بالمملكة وفاعلا رئيسيا في مجال التعاون الأمني الذي يربط المغرب بحلفائه الأجانب، ولاسيما الدول الأوروبية.
مع قدوم شهر شتنبر، فرح المغاربة كثيراً بعدما أفلت الطالب المغربي إبراهيم سعدون من مقصلة الإعدام في روسيا عقب اعتقاله لمدة خمسة أشهر في دونيتسك بأوكرانيا.
مع وصول الأشهر الأخيرة من السنة، عاش المغاربة لحظات ستظل راسخة في الأذهان بعدما رأوا فريقهم الوطني بقيادة المدرب وليد الركراكي يخط ملحمة كروية في مونديال قطر 2022، حيث تأهل إلى ربع النهاية ونصف النهاية التي غادرها على يد فرنسا.
إنجاز المنتخب المغربي في مونديال قطر كان إنجازاً غير مسبوق بالنسبة لفريق إفريقي وعربي، وقد نال اهتمام الإعلام الدولي كثيراً، خصوصاً لقطات الفرح التي كانت على أرضية الملعب بين اللاعبين وأمهاتهم، أو سجودهم حين يسجلون أو يتأهلون إلى دور جديد.
حين عاد الفريق الوطني لكرة القدم إلى المغرب وجد في استقباله حشوداً شعبية تحييه على طول المسار من مطار الرباط سلا وصولاً إلى القصر الملكي بالرباط حيث حظي باستقبال ملكي وتوشيح بالأوسمة رفقة الأمهات، ثم مأدبة عشاء على شرفهم، لتظل صور الملك محمد السادس مع “أسود الأطلس” وأمهاتهم ختام مسك أنهى به المغاربة عام مليئاً بالأحداث السعيدة، في انتظار ما تحمل سنة 2023.

